أكد الأستاذ نور الدين جوادي، أن الجزائر تمتلك تنوعا ثقافيا ثريا (40 موردا ثقافيا)، يمكن أن يشكل مدخلا للإنعاش الثقافي، مشيرا إلى أن الجزائر تعيش سنة اقتصادية بامتياز، بناء على توجيهات رئيس الجمهورية. “ونعرف مشوارا طويلا لتحقيق مسار الإنعاش الاقتصادي وسط رهان الخروج من التبعية للمحروقات، ما يلزم استثمار كل الموارد المتاحة”.

من بين مقومات هذا المسار، حسب الأستاذ جوادي الذي قدّم مداخلة، أمس، بجناح “روح البناف” ضمن نشاط المحافظة السامية للأمازيغية، التنوع الثقافي، والتعدد اللساني، فكل الدراسات والتجارب العالمية الناجحة أثبتت أن التنوع الثقافي والتعدد اللساني مصدر استراتيجي واقتصادي مهم جدا، مشيرا إلى تحول النظرة إلى الثقافة من مصدر ترفيه إلى رافد من روافد الإنعاش الاقتصادي. وأضاف المحاضر أن التنوع الثقافي يتضمن 25 نشاطا استثماريا، فعلى مستوى الدراسات العلمية المتخصصة هناك علاقة بين التنوع الثقافي والإنعاش الاقتصادي، مشيرا في محاضرته التي عنونها بـ “دور الخارطة اللسانية والثقافية في التنمية والاقتصاد الوطني”، إلى أن التعصب الثقافي وعدم احتواء الآخر له دور سلبي على نصيب الفرد من الناتج الإجمالي للثروة.

وتوقف الأستاذ المحاضر بجامعة “حامة لخضر” بالوادي، عند الآليات التي يمكن تسخيرها لتحقيق الهدف المنشود، ومن بينها الخارطة الثقافية التي تُعتبر أهم وأنخع آليات تثمين التنوع الثقافي كفاعل للإنعاش الاقتصادي، فهي جرد دقيق، شامل، محيّن وشفاف. وتحتوي تحليلا علميا وممنهجا، فضلا عن الموارد المادية وغير المادية المتعلقة بالأغلبية والأقليات إضافة إلى الفاعلين الثقافيين، والتي تشمل هيئات حكومية بتنوعها، ومؤسسات اقتصادية عامة أو خاصة مهما كان نشاطها وشكلها القانوني أو حجمها المالي، وكذلك فعاليات المجتمع المدني الثقافية بكل أشكالها وطبيعة نشاطها، خيرية ومهنية بدون أن ننسى الفنانين والمبدعين من هواة ومحترفين ومقيمين ومغتربين، وحتى متوفين.

وتندرج مداخلة الأستاذ نور الدين جوادي، ضمن المائدة المستديرة التي نظمتها المحافظة السامية للأمازيغية على هامش صالون الكتاب، والمتمحورة حول “الخريطة اللسانية والثقافية في الجزائر”، حيث أكد الأمين العام للمحافظة سي الهاشمي عصاد، أن الهيئة التي يرأسها رسّخت تقاليد المشاركة في هذا العرس الثقافي، وما هو إلا مواصلة لمختلف النشاطات التي دأبت المحافظة على تنظيمها، تثمينا وترقية للغة الأمازيغية.

ومن جانبه، تحدّث البروفيسور نسيب عن الخريطة اللسانية والثقافية في الجزائر، كآلية بيداغوجية ومرجعية لاكتساب توجه علمي وفضاء جغرافي مغذّ للوحدة الوطنية والانتماء للأمة الجزائرية. وقال إن الخريطة تلعب دورا مهمّا في تشخيص الحاجيات والتساؤلات للوصول إلى أرضية للتطور الاقتصادي، مشيرا إلى دراسة المفاهيم، وتحضير الخريطة اللسانية والثقافية في الجزائر، تمهيدا لإدراجها في قائمة اليونسكو اللغوية، التي تُعد المحافظة السامية للأمازيغية محركا لها في الجزائر، من خلال مساعي تحقيق الخريطة اللسانية والثقافية. 

للإشارة، نشط المائدة المستديرة إلى جانب الأستاذ نور الدين جوادي، الأستاذ المحاضر يزيد أولحا من جامعة “سطنبولي” بمعسكر، بمحاضرة “بينات لغوية وثقافية ممهدة لملف التعريف ببلادنا في الطبعة الجديدة للأطلس العالمي للغات اليونسكو”، بينما نشط فريد بن رمضان، أستاذ باحث في جامعة “محمد بوقرة” وباحث مساعد بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، المحور الثالث للندوة، بعنوان “أصل الأسماء الجزائرية: من الهوية إلى الإبداع”.

للتذكير، تشارك المحافظة السامية للغة الأمازيغية في الطبعة 25 للصالون الدولي للكتاب بـ 32 إصدارا، وعمليات بيع بالتوقيع خالصة، أو بالشراكة مع المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية وكذا دور تيرا وأنزار والحكمة وأدليس ولومي، للكتّاب ياسين مزياني، وكريم سعودي، ورشيد أجاوت، ومحند أكلي صالحي، وزهير مقسم، وسلطان صبري، وعمار خابر، وأكلي تمازيغت، وخالد فرتوني، وبراهيم عبد السلام، وكريم ميسوم، وعراب عبد الرحمن، ومحمد مرداسي، بالإضافة إلى جمعية نوميديا وهران.